يُعَدُّ اضطراب نقص الانتباه مع أو بدون فرط الحركة (ADHD) من الاضطرابات العصبية النمائية الأكثر شيوعًا، وهو لا يقتصر على الأطفال والمراهقين فحسب، بل يستمر غالبًا حتى مرحلة البلوغ. أحد الجوانب الأكثر تحديًا لهذا الاضطراب هو صعوبة الالتزام بالخطط أو التدريبات، وهو ما يفسر التراجع المتكرر أو الانقطاع عن تطبيق الاستراتيجيات العلاجية.
فالالتزام لا يعني فقط البدء بخطوة إيجابية، وإنما الاستمرارية والمثابرة عليها حتى تتحول إلى عادة. غير أن الشخص الذي يعاني من اضطراب نقص الانتباه يواجه عوائق متعددة مثل التشتت السريع، ضعف الذاكرة العاملة، صعوبة إدارة الوقت، الانفعالية الزائدة، والميل للتسويف، وكلها عوامل تعرقل عملية الثبات على أي خطة علاجية أو تدريب على المهارات.
1. ضعف التنظيم الذاتي: يجد الشخص صعوبة في ضبط ذاته أمام الإغراءات أو المشتتات، فيتراجع عن الممارسة اليومية لأي تمرين.
2. الملل السريع: الدماغ في هذه الحالة يحتاج إلى محفزات قوية ومتجددة، مما يجعل الأنشطة العلاجية المتكررة تبدو ثقيلة وغير جذابة.
3. غياب المكافأة الفورية: العقل المعتاد على الإثارة الفورية يجد صعوبة في ملاحقة أهداف طويلة المدى، وبالتالي قد يتوقف قبل أن يلاحظ النتائج.
4. التسويف والتأجيل: يميل الفرد إلى تأجيل ما يثقل عليه، حتى لو كان ضروريًا لصحته النفسية أو تقدمه الشخصي.
5. الإحباط من الانتكاسات: عندما يقع في خطأ أو يتوقف عن الممارسة ليوم أو يومين، يشعر بالفشل ويفقد الحافز للاستمرار.
هذه الصعوبات تجعل من عملية بناء العادات العلاجية تحديًا كبيرًا يحتاج إلى استراتيجيات خاصة لدعم الالتزام والاستمرارية.
أحد الأساليب المفيدة التي تساعد المصابين باضطراب نقص الانتباه على الالتزام هو صياغة بيان التزام شخصي. هذا البيان يشبه عقدًا يكتبه الشخص مع نفسه، يتضمن وعودًا محددة وصريحة تساعده على التذكير بهدفه كل يوم.
الأبحاث تشير إلى أن الكتابة والتكرار يعززان قوة الالتزام، إذ يشعر الفرد وكأنه قد قطع وعدًا حقيقيًا على نفسه، مما يزيد من احتمالية الاستمرار.
"أتعهد بالتركيز على الجوانب الإيجابية في نفسي وفي حياتي كل يوم."
"أتعهد بأن أبذل كل ما يلزم لإحداث التغيير الذي أحتاجه في حياتي."
"أتعهد بمواجهة مخاوفي بدلًا من تجنبها."
"أتعهد بقبول شعوري بعدم الراحة كجزء من رحلتي للتغيير."
"أتعهد بأن أتحلى بالصبر مع نفسي أثناء التجربة."
"أتعهد بأن أسامح نفسي على أي انتكاسة."
"أتعهد بأن أخصص وقتًا للراحة حتى أستعيد طاقتي."
"أتعهد بأن أكافئ نفسي يوميًا على جهودي."
هذه الصياغات لا تركز على المثالية المطلقة، بل تمنح مساحة للتسامح مع الذات، وهو ما يحتاجه المصاب باضطراب نقص الانتباه حتى لا يقع في فخ جلد الذات.
كتابة مثل هذه البيانات ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لربط الشخص بالفوائد العملية التي سيجنيها من التغيير، مثل:
زيادة الثقة بالنفس مع كل تقدم يحققه.
تحكم أفضل في الوقت والانفعالات مما يقلل الشعور بالفوضى أو الإرهاق.
الاقتراب من الأهداف الشخصية والمهنية بشكل ملموس.
كسر دائرة التسويف التي تعيق حياته منذ سنوات.
جزء من تدريب الالتزام هو مراجعة تجارب الالتزام السابقة، حتى لو كانت بسيطة مثل المشي اليومي أو الامتناع عن تصفح الهاتف قبل النوم. من خلال هذه المراجعة يمكن للشخص أن يدرك:
ما الذي ساعده على الاستمرار؟
ما العوائق التي واجهها؟
ما التعديلات التي يمكن إدخالها لتحسين النتيجة في المرات القادمة؟
بهذا يصبح الالتزام عملية تعلم وتطوير، وليست مجرد محاولة فاشلة تتكرر.
حين يكتب الشخص تعهده، ويقرأه يوميًا، أو يضعه أمامه في مكان واضح، فإن ذلك يخلق نوعًا من المسؤولية الداخلية. يصبح الالتزام أشبه باتفاق رسمي مع النفس، مما يقلل فرص التراجع. كما أن العودة إلى البيان المكتوب في لحظات الإحباط أو الانتكاس تذكّره بسبب البداية، وتعيد شحن حافزه من جديد.
 
  خلاصة القول الالتزام يمثل تحديًا رئيسيًا أمام المصابين باضطراب نقص الانتباه، لكن يمكن دعمه من خلال أدوات عملية مثل بيانات التعهد الشخصية والفلاش كاردز التي تحافظ على الحافز وتذكّر الفرد بأهدافه. الاستمرارية ليست سهلة، لكنها تصبح ممكنة حين يتعلم الشخص أن يغفر لنفسه الأخطاء، ويكافئ نفسه على التقدم، ويجعل التغيير رحلة ممتعة لا عبئًا ثقيلًا.