تشير الوظيفة التنفيذية (EF) إلى مجموعة من العمليات المعرفية التي تُمكّن الأفراد من التخطيط، وتركيز الانتباه، وتذكر التعليمات، وإدارة مهام متعددة بنجاح. غالبًا ما تضعف هذه العمليات لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات عصبية أو نفسية، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، والاكتئاب، واضطرابات القلق. ومع ذلك، ورغم وجود قصور في الوظيفة التنفيذية في هذه الحالات، إلا أن أسبابه ومظاهره وآثاره العلاجية قد تختلف اختلافًا كبيرًا.

يُعدّ فهم كيفية التمييز بين الخلل التنفيذي الناتج عن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والناجم عن الاكتئاب أو القلق أمرًا بالغ الأهمية للتشخيص والتدخل الفعالين.

ما هو اضطراب الوظيفة التنفيذية؟

اضطراب الوظيفة التنفيذية (EFD) ليس تشخيصًا مستقلاً ولكنه مصطلح وصفي للصعوبات في العمليات الإدراكية عالية المستوى بما في ذلك:

• الذاكرة العاملة

• التحكم المثبط

• المرونة المعرفية

• التخطيط والتنظيم

• إدارة الوقت

• بدء المهمة وإكمالها

• التنظيم العاطفي

 الاختلافات الجوهرية في الآليات الأساسية لكل اضطراب

اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والخلل التنفيذي:

• الأساس العصبي الأولي.يعتبر عجز الوظائف التنفيذية أساسيًا لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في حد ذاته.

• بداية مبكرة.تبدأ الأعراض عادة في مرحلة الطفولة وتستمر حتى مرحلة البلوغ وتمتد إلى ما بعد ذلك أحيانًا

• سمة مشابهة ومستقرة مع مرور الوقت.العجز متسق نسبيًا بغض النظر عن الحالة المزاجية.

• أصل النمو العصبي.تظهر دراسات تصوير الدماغ انخفاض النشاط في القشرة الجبهية والشبكات ذات الصلة.

• اختلال التنظيم عبر المجالات المختلفة.تؤثر مشاكل التنفيذ التنفيذي المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على الانتباه والذاكرة العاملة والتحكم في الدوافع وإدارة الوقت على مستوى العالم.

الاكتئاب/القلق والخلل التنفيذي:

• تأثير ثانوي.غالبًا ما تنشأ مشكلات الوظيفة الإدراكية نتيجة لاضطراب المزاج، أو التعب، أو الإجهاد المعرفي.

• بداية متأخرة أو متقطعة.تظهر مشكلات EF أو تتفاقم أثناء نوبات المزاج وقد تختفي مع تحسن الحالة المزاجية.

• شبيهة بالحالة ومتغيرة.قد يتقلب الأداء الإدراكي اعتمادًا على الحالة العاطفية والنوم ومستويات التوتر.

• تثبيط تحفيزي.غالبًا ما تنبع صعوبة البدء بالمهام من انخفاض الدافع (الاكتئاب) أو التجنب (القلق)، وليس من عدم الانتباه أو الاندفاع.

مقارنة الأعراض

الدلائل السلوكية والإدراك الذاتي

اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:

• يشعر بالإرهاق المزمن بسبب المهام الروتينية.

• غالبًا ما ينتقدون أنفسهم بسبب المماطلة أو الفوضى ولكنهم أيضًا في حيرة من أمرهم بشأن سبب عدم قدرتهم على "القيام بذلك ببساطة".

• يفقد أشياءً بشكل متكرر، ويتخلف عن المواعيد، ويواجه مشاكل في إنهاء المشاريع.

• تظهر مشكلات الوظيفة التنفيذية حتى عندما يكون المزاج مستقرا أو إيجابيا.

• يتحدثون عادةً عن الشعور "بالشلل" أو "التجمد" في المواقف غير المنظمة.

الاكتئاب:

• يشعر بالتباطؤ، والضبابية العقلية، والإرهاق.

• يتجنب المهام بسبب نقص الطاقة أو اليأس أو الشعور بعدم القيمة.

• تتحسن الوظائف التنفيذية قليلاً مع تحسن الحالة المزاجية.

• تأملات شائعة حول الفشل، أو الشعور بالذنب، أو عدم الكفاءة.

• يشعر بالإرهاق حتى من المهام البسيطة بسبب شعوره بعدم جدواها.

القلق:

• يفكر كثيرًا ويستعد كثيرًا، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التجنب.

• تنبع مشكلات الوظائف التنفيذية من التحميل الزائد على العقل - الكثير من الأفكار والمخاوف أو التساؤلات.

• قد يبدو منظمًا ولكنه يعاني غالبًا من الكمالية والتردد.

• في كثير من الأحيان يكون تجنب المهام مدفوعًا بالخوف وليس بسبب التشتت.

  المناهج النفسية العصبية والتشخيصية

التقييم السريري:

يعد التقييم الشامل ضروريًا وقد يشمل:

• المقابلات السريرية:مع المريض والمحيطين من الأسرة (على سبيل المثال، تاريخ سلوك الطفولة).

• اختبارات الوظائف التنفيذية الموحدة واستبيانات التقرير الذاتي مثل:

  • تقييم السلوك للوظيفة التنفيذية للبالغين

  • مقاييس كونرز لتصنيف اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى البالغين (CAARS)

  • مقياس بيك للاكتئاب (BDI)

  • مقياس اضطراب القلق العام (GAD)

الأدلة التشخيصية:

• اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:تظهر الأعراض قبل سن 12 عامًا، في مختلف الأوضاع، بغض النظر عن الحالة العاطفية أو المزاجية

• الاكتئاب/القلق:تعتمد مشاكل الوظائف التنفيذية بشكل أكبر على السياق والحالة؛ وغالبًا ما تبدأ بعد عوامل الضغط  النفسى أو الخسارة أو الصدمة.

 آثار العلاج

خلل الوظائف التنفيذية المرتبط باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:

• العلاجات الدوائية: المنشطات (على سبيل المثال، ميثيلفينيديت، أمفيتامين) وغير المنشطات (على سبيل المثال، أتوموكستين).

• التدريب السلوكي:إدارة الوقت، بناء العادات، أدوات التنفيذ الخارجي (المخططات، التذكيرات).

• العلاج السلوكي المعرفي (CBT):استهداف التسويف والتنظيم وتقدير الذات.

• البنية البيئية:تبسيط المهام والروتين وتقليل عوامل التشتيت.

خلل الوظائف التنفيذية المرتبط بالاكتئاب/القلق:

• العلاج النفسي:العلاج السلوكي المعرفي للأفكار الاكتئابية أو التجنب الناجم عن القلق.

• العلاج الدوائى:قد تعمل مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق على تحسين الإدراك بشكل غير مباشر عن طريق تحسين الحالة المزاجية.

• التدخلات المتعلقة بنمط الحياة: تنظيم عادات النوم، وممارسة الرياضة، وإدارة التوتر، والدعم الاجتماعي.

• اليقظة والتنظيم العاطفي:تحسين المرونة الإدراكية والتركيز على المهام.

في حين أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والاكتئاب، والقلق، جميعها قد تُضعف الوظيفة التنفيذية، إلا أن منشأها وأنماطها واستجاباتها للتدخل تختلف اختلافًا كبيرًا. ينطوي اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على عجز متأصل ومستمر في الوظيفة التنفيذية في مختلف جوانب الحياة، بينما في الاكتئاب والقلق، عادةً ما تكون مشاكل الوظيفة التنفيذية ثانوية وتعتمد على الحالة.

يتطلب التمييز بين السبب الجذري للخلل التنفيذي تقييمًا دقيقًا ودقيقًا يشمل التاريخ النمائي، ومدى استمرارية الأعراض، والسياق العاطفي، والاختبارات المعرفية. ولا يقتصر هذا على تحسين دقة التشخيص فحسب، بل يحدد أيضًا استراتيجيات علاجية مُستهدفة وفعّالة تُحسّن بشكل كبير الأداء اليومي للفرد وجودة حياته.

د/نهلة نور الدين

استشارى الطب النفسى