العلاج النفسى التكاملى لضبط وتنظيم المشاعر
العلاج النفسى التكاملى لضبط وتنظيم المشاعر
إدارة وتنظيم المشاعر من أهم المهارات التي يحتاجها الإنسان للعيش بشكل متوازن وصحي على المستويين النفسي والاجتماعي. فضعف القدرة على تنظيم المشاعرو ضبط الانفعالات قد يؤدي إلى مشكلات في العلاقات، والعمل، وصورة الذات. في هذا السياق، يبرز العلاج النفسي الانتقائي التكاملي كمنهج حديث يجمع بين مدارس وأساليب علاجية متعددة بهدف تزويد الفرد بأدوات مرنة وشاملة للتعامل مع مشاعره.
مفهوم العلاج النفسى الانتقائى التكاملى
العلاج النفسي الانتقائي التكاملي (Integrative Eclectic Psychotherapy) هو توجه علاجي يقوم على اختيار ودمج أفضل التقنيات من مدارس مختلفة في العلاج النفسي (مثل العلاج السلوكي المعرفي، العلاج الجدلي السلوكي، العلاج المتمركز حول العميل، والعلاج الديناميكي). الفكرة الأساسية تقوم على أن كل فرد حالة فريدة، وأن استخدام مدرسة واحدة قد لا يلبي جميع احتياجاته.
هذا التوجه لا يلتزم بشكل صارم بنظرية واحدة، بل يركز على ما هو عملي وفعّال، مما يجعله مناسبًا جدًا في مجال تدريب إدارة وتنظيم المشاعر.
تنظيم المشاعر لا يعني كبتها أو إنكارها، بل هو القدرة على:
التعرف على المشاعر وفهمها.
التعبير عنها بشكل صحي ومناسب.
ضبط السلوك الناتج عنها بحيث لا يؤدي إلى اندفاعية أو أذى للذات أو الآخرين.
استخدام استراتيجيات واعية للتكيف مع الضغوط.
ضعف هذه المهارة يرتبط بمشكلات مثل القلق، الاكتئاب، الغضب المزمن، ضعف العلاقات، وحتى الإدمان. لذا يعد تدريب إدارة المشاعر ركيزة أساسية في الوقاية والعلاج.
يساعد هذا الاتجاه الفرد على التعرف إلى أنماط التفكير المشوهة التي تغذي المشاعر السلبية. من خلال تقنيات مثل إعادة الهيكلة المعرفية، يتمكن العميل من النظر إلى المواقف بمرونة أكبر، مما يقلل من شدة الانفعالات.
يُعد DBT من أكثر المدارس تركيزًا على تنظيم المشاعر. حيث يقدم مهارات محددة مثل:
الوعي التام (Mindfulness): الانتباه للحظة الحالية دون أحكام.
تحمل الضيق (Distress Tolerance): استراتيجيات للتعامل مع الأزمات دون انهيار.
فعالية العلاقات (Interpersonal Effectiveness): تحسين التواصل والحدود الصحية.
إدماج هذه المهارات ضمن العلاج الانتقائي يوفر للعميل أدوات عملية قابلة للتطبيق.
يمكنك مشاهدة هذه الحلقة عن العلاج السلوكى الجدلى
يركز هذا الاتجاه على التقبل غير المشروط ودعم العميل في التعبير عن مشاعره بحرية. هذا المناخ العلاجي الداعم يساعد على تعزيز الوعي الذاتي والرحمة تجاه الذات، وهما عنصران أساسيان لتنظيم المشاعر.
يساعد على فهم جذور المشاعر غير المنظمة من خلال استكشاف الخبرات المبكرة وأنماط العلاقات القديمة. هذا الفهم العميق يمكّن العميل من التحرر من أنماط تكرارية تؤدي إلى صعوبات انفعالية.
بعض المدارس الانتقائية تستخدم تقنيات تركز على الجسد مثل التنفس الواعي أو استرخاء العضلات التدريجي. هذه الأدوات تساعد العميل على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل شدة المشاعر الجارفة.
1-التقييم الفردي
يبدأ البرنامج بفهم أنماط العميل الفريدة: ما هي مشاعره الأكثر صعوبة؟ متى يفقد السيطرة؟ ما هي الاستراتيجيات التي جرّبها سابقًا؟
2-بناء الوعي بالمشاعر
استخدام أدوات مثل "يوميات المشاعر" أو "خريطة الانفعال" لمساعدة العميل على التعرف إلى مشاعره بدقة.
3-إعادة الهيكلة المعرفية
تدريب العميل على ملاحظة أفكاره التلقائية السلبية وإعادة صياغتها بطريقة أكثر واقعية ومرونة.
4-تعلم مهارات DBT
تمارين وعي تام يومية.
استراتيجيات لزيادة تحمل الضيق مثل صرف الانتباه أو تهدئة الحواس.
تدريبات على قول "لا" ووضع حدود واضحة.
5-تعزيز الرحمة الذاتية
من خلال تمارين مستوحاة من العلاج المتمركز حول العميل، مثل كتابة رسالة دعم للنفس أو ممارسة التأمل الموجه للرحمة الذاتية.
6-دمج استراتيجيات جسدية
مثل تمرين التنفس أو شد العضلات ثم إرخائها لتقليل التوتر الفسيولوجي المصاحب للمشاعر القوية.
المرونة: يمكن تكييف الأدوات بحسب شخصية العميل واحتياجاته.
العملية: يجمع بين الفهم النظري العميق والتقنيات اليومية القابلة للتطبيق.
الشمولية: يعالج المشاعر من عدة زوايا (معرفية، سلوكية، انفعالية، جسدية).
الفردية: لا يُعامل العميل كحالة نمطية، بل يُصمم البرنامج خصيصًا له.
يحتاج المعالج إلى خبرة واسعة بمدارس متعددة.
قد يواجه بعض العملاء ارتباكًا عند استخدام أكثر من أسلوب في البداية.
يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الأدوات المستخدمة لتجنب التناقض.
خلاصة القول أن العلاج النفسي الانتقائي التكاملي يقدم إطارًا مرنًا وعمليًا لتدريب الأفراد على إدارة وتنظيم مشاعرهم. فهو يجمع بين قوة العلاج السلوكي المعرفي، وفعالية مهارات DBT، ودعم العلاج المتمركز حول العميل، وعمق العلاج الديناميكي. هذا الدمج يمنح الأفراد أدوات متعددة للتعامل مع المشاعر، ما يعزز الصحة النفسية ويحسن جودة الحياة.