القائمة الرئيسية

الصفحات

انخفاض تقدير الذات لدى البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه: كيف نفهم الصراع الخفي؟

 


 

غالبًا ما يُنظر إلى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) من منظور التشتت والاندفاعية والاضطراب فى الوظائف التنفيذية للمخ. ورغم أن هذه الأعراض تُعدّ أساسية في التشخيص، إلا أن هناك نتيجة قد لاينتبه إليها البعض، وإن كانت بنفس القدر من الأهمية لأنها تمثل مزيدًا من التسبب فى  العجز عن الأداء بكفاءة ربما فى أغلب مجالات الحياة، نتكلم عن انخفاض تقدير الذات، وخاصةً لدى البالغين المصابين باضطراب نقص الانتباه. بالنسبة للكثيرين، قد تستمر الآثار النفسية لسنوات من سوء الفهم وضعف التحصيل الدراسي والرفض الاجتماعي لفترة طويلة حتى بعد السيطرة على الأعراض الظاهرة.

 ماهى الجذور التنموية لانخفاض تقدير الذات لدى البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

1. تجارب الفشل المزمنة

منذ الطفولة، يكون الأفراد المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أكثر عرضة للصعوبات الأكاديمية والاجتماعية. ورغم امتلاكهم في كثير من الأحيان ذكاءً يتراوح بين المتوسط ​​والأعلى من المتوسط، إلا أن الخلل التنفيذي الذي يميز اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يؤدي إلى:

  • المواعيد النهائية الفائتة(عدم القدرة على إنجاز المهام فى الفترة الزمنية المحددة لها).
  • درجات ضعيفة على الرغم من الجهد المبذول
  • الفوضى فى كل شيء
  • النسيان المتكرر

إن الفشل المتكرر، وخاصة عندما يتم مقارنته المتكررة بنجاح الأقران، يمكن أن يعزز الاعتقاد بأن الشخص "كسول" أو "ليس جيدًا بما فيه الكفاية".



2. حلقات التغذية الراجعة السلبية

غالبًا ما يجذب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ردود فعل سلبية من الآباء والمعلمين والأقران. مع مرور الوقت، يصبح النقد المستمر (مثل: "لماذا لا تستطيع التركيز؟" أو "أنت لا تُنجز ما عليك أبدًا!") مُتجذرًا في داخل الطفل، مما يؤدي إلى حوار داخلي قائم على النقد الذاتي.

3. الرفض الاجتماعي وصعوبات التعامل مع الأقران

الاندفاعية، والانفعالية، وصعوبة فهم الإشارات الاجتماعية، وعدم القدرة على الانتباه الجيد اثناء التواصل اللفظى ولغة الجسد (التواصل غير اللفظى) أثناء الحوارات فى المواقف الاجتماعية.. كلها عوامل قد تُوتر العلاقات. قد يتذكر البالغون المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تاريخًا من الصداقات المفقودة أو الصراعات العاطفية، مما يُعزز الاعتقاد بأنهم غير أكفاء اجتماعيًا أو يُشكلون عبئًا على الآخرين..إنهم يستشعرون الألم حينما يتذكرون المواقف التى طالما شعروا فيها بتجاهل الآخرين لهم ونفورهم من التعامل معهم.

 

مظاهر انخفاض تقدير الذات لدى البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

1. الكمالية  والتعويض المفرط

في محاولة لتجنب المزيد من الفشل أو الانتقادات، يلجأ بعض البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى النقيض تمامًا، محاولين الوصول إلى الكمال. قد يُصبح هذا مُحبطًا، ويؤدي إلى المماطلة والتسويف والقلق.

2. السلوكيات التي ترضي الناس

بدافع الخوف من الرفض والرغبة في القبول، يكون هناك إصرار مستمر لاشعورى على إرضاء الآخرين بالطبع على حساب نفسه. وهذا غالبًا ما يؤدي إلى الإرهاق والاستياء وتراجع الشعور بالهوية.فهو لم يعد يعرف ماذا يريد لنفسه وماذا يرضيه هو.




3. الحديث السلبي مع الذات والخجل الداخلي

تتضمن السرديات الداخلية الشائعة ما يلي:

  • "لن افعل أى شيئ بشكل صحيح أبدًا."
  • "الجميع لديهم كل شيء - ما الخطأ معي؟"
  • "أنا عبء ثقيل على الآخرين."

هذه الأفكار غالبا ما تكون تلقائية ومتجذرة بعمق.وتظهر آثارها فى المواقف اليومية المختلفة فى شكل مشاعر سلبية وسلوك غير مرغوب فيه فى الغالب.

4. ضعف أو انعدام الدافعية والعجز المكتسب

الفشل المتكرر قد يُعزز العجز المكتسب - أي الاعتقاد بأنه مهما فعل ، سيفشل. هذا يُضعف الحافز ويُسهم في الاكتئاب أو القلق.

 


كيف يمكن علاج تدنى(انخفاض) تقدير الذات؟

1. التثقيف النفسي

إن مساعدة المرضى على فهم كيفية تأثير اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على أدائهم، وأن معاناتهم لا ترجع إلى عيوب في الشخصية، خطوة أولى بالغة الأهمية. إن تطبيع تجاربهم قد يُخفف من الشعور بالخجل ويقلل حدة الحوار الذاتى السلبى.

أنت لست كسولاً. دماغك مُبرمج بطريقة مختلفة، ويمكننا العمل على ذلك.

2. إعادة الهيكلة المعرفية

إن استخدام تقنيات العلاج السلوكي المعرفي لتحدي المعتقدات الأساسية السلبية يمكن أن يساعد هؤلاء على إعادة صياغة هويتهم:

  • من "أنا غير منظم" إلى "أعاني من مشاكل في الأداء التنفيذي، ولكنني أستطيع تعلم الاستراتيجيات التى تحسن ذلك".
  • من "أنا دائمًا أفسد الأمور" إلى "أرتكب أخطاءً في بعض الأحيان، مثل أي شخص آخر" لكن يمكننى أن أتعلم من أخطائى عندما أتعلم كيفية مراقبة الذات ورصد السلوك.
تابع تمارين التغلب على المعتقدات السلبية حول الذات على قناة تيلجرام من هنا

3. النهج القائم على نقاط القوة

إن تسليط الضوء على نقاط القوة المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه - مثل الإبداع، والمرونة، والعفوية، أو التركيز المفرط على المهام المحببة - يمكن أن يساعد في إعادة التوازن إلى صورة الذات.

4. بناء الكفاءة الذاتية من خلال االإنجازات الصغيرة

إن وضع أهداف قابلة للتحقيق والاحتفاء بالتقدم يُساعد على بناء الثقة. قد تشمل هذه "النجاحات الصغيرة" تنظيم درج، أو إنجاز مهمة-حتى لو بسيطة- في الوقت المحدد، أو بدء محادثة صعبة.

5. معالجة الحالات المرضية المصاحبة

غالبًا ما يصاحب انخفاض تقدير الذات لدى مرضى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات تعاطي المخدرات. ويمكن أن يُحسّن علاج هذه الاضطرابات بالتزامن من المرونة العاطفية.


 وأخيرًا نصائح للبالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لتحسين احترام الذات

  • احتفظ بسجل تدوين يومى للنجاح:اكتب ثلاثة أشياء قمت بها بشكل جيد كل يوم.
  • وضع الحدود:تعلم أن تقول لا دون الشعور بالذنب لحماية وقتك وطاقتك.
  • مارس التعاطف مع الذات:تحدث إلى نفسك كما لو كنت تتحدث إلى صديق مقرب.
  • البحث عن المجتمع:يمكن لمجموعات الدعم أن تقلل من العزلة وتعزز التفاهم.

  • اللجوء إلى المشورة النفسية  والعمل مع المتخصصين المطلعين على اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه      لتعلم الاستراتيجيات اللازمة لزيادة كفاءة الوظائف التنفيذية فكلما زادت مهاراتك يعزز ذلك من تقديرك لذاتك والشعور بالسيطرة حيث يمكن للمعالجين والمدربين المتخصصين في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تصميم التدخلات المناسبة لبرمجة الدماغ على السلوكيات والمهارات اللازمة.


إذن:

ليس تدني تقدير الذات مشكلةً هامشيةً لدى البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل غالبًا ما يكون جوهرَ الكثير من الضيق العاطفي. بإدراك ومعالجة مشاعرالخزى والشك الذاتي والإخفاقات الداخلية التي يحملها الكثيرون، يمكن للأفراد البدء في استعادة هوية أكثر تعاطفًا وتمكينًا. مع الدعم المناسب والعلاج والوعي الذاتي، لا يصبح الشفاء ممكنًا فحسب، بل متوقعًا.

 

اضغط هنا لمشاهدة جميع حلقات كورس اضطراب نقص الانتباه



تعليقات

التنقل السريع