القائمة الرئيسية

الصفحات

زوجى يعانى اضطراب ثنائى القطب كيف أتعامل معه وكيف أحمى أبنائى؟



تساؤلات عديدة:

الحياة الزوجية بطبيعتها علاقة ديناميكية تتأثر بالحالة النفسية والعاطفية للطرفين. وعندما يكون أحد الزوجين مصابًا باضطراب ثنائي القطب، تصبح العلاقة أكثر تعقيدًا، ليس بسبب سوء النية أو ضعف الحب، وإنما بسبب طبيعة الاضطراب نفسه وما يحمله من تقلبات حادة في المزاج والسلوك.

كثير من الزوجات يعشن في حيرة مستمرة:
هل ما يحدث نابع من المرض أم من شخصية الزوج؟
كيف أسانده دون أن أُستنزف؟
وأين تنتهي حدود التفهم وتبدأ حدود الأذى؟

هنا سأقدم فهم أعمق لطبيعة التحدي، مع إرشادات عملية تساعد الزوجة على حماية نفسها نفسيًا، ودعم العلاقة بوعي واتزان.


أولًا: فهم اضطراب ثنائي القطب داخل العلاقة الزوجية:

اضطراب ثنائي القطب هو اضطراب مزاجي يتسم بنوبات من:

  • الهوس أو الهوس الخفيف (فى النوع الثانى) : طاقة مفرطة، اندفاع، ثقة زائدة، قرارات متسرعة.
  • الاكتئاب: انسحاب، حزن عميق، فقدان اهتمام، شعور بالذنب أو العجز.

داخل الزواج، قد يظهر ذلك في صورة:

  • وعود كبيرة لا يتم الوفاء بها.
  • تقلب مفاجئ في الاهتمام العاطفي.
  • غضب أو انتقاد أو برود غير مبرر.
  • فترات من القرب الشديد يعقبها انسحاب مؤلم.

 إن فهم أن هذه التقلبات كجزء من الاضطراب لا يعني تبرير الأذى، لكنه يساعد الزوجة على تفسير ما يحدث دون جلد للذات.

 




ثانيًا: التحدي الأكبر للزوجة… الاستنزاف الصامت:

كثير من الزوجات يقعن في فخ الدور الواحد:
الداعمة، المتفهمة، الصابرة، التي “تحتوي” دائمًا.

مع الوقت، قد تظهر أعراض مثل:

  • إنهاك نفسي دائم.
  • فقدان الإحساس بالأمان العاطفي.
  • الشك في الذات: هل أنا السبب؟
  • كبت الغضب والشعور بالذنب عند التعب.

المشكلة ليست في التعاطف، بل في غياب التوازن بين دعم الزوج وحماية النفس.

 

ثالثًا: ما الذي تحتاجه الزوجة فعلًا؟

1- فصل المرض عن الذات

سلوك الزوج أثناء النوبات ليس تقييمًا لقيمتك، ولا مقياسًا لحبك.
الخلط بين الأمرين يجعل الزوجة تدخل في دائرة لوم ذاتي مرهقة.

2- وضع حدود واضحة وثابتة

التفهم لا يعني القبول بالإهانة أو الفوضى أو الإيذاء النفسي.
من حقك أن تقولي:

  • هذا السلوك يؤذيني.
  • هذا غير مقبول حتى لو كنت متعبًا نفسيًا.

الحدود الصحية تحمي العلاقة أكثر مما تهددها.

3-عدم لعب دور المعالِجة

الزوجة ليست طبيبة نفسية ولا مسؤولة عن “إصلاح” الزوج.
دورك إنساني وداعم، لكن العلاج والمتابعة مسؤولية مختصة.

 

رابعًا: كيف يمكن دعم الزوج دون خسارة النفس؟

  • تشجيع الالتزام بالعلاج والمتابعة الطبية دون ضغط أو تهديد.
  • اختيار أوقات الحوار أثناء الاستقرار النسبي، وليس خلال النوبات.
  • توثيق الاتفاقات المهمة (المالية، الأسرية) لتقليل أثر الاندفاع.
  • الاهتمام بدائرتك الداعمة: صديقة، أخت، مختص نفسي.

العلاقة لا تُدار بالتحمل وحده، بل بالوعي والتخطيط.

 

خامسًا: متى تحتاج الزوجة إلى دعم متخصص؟

إذا شعرتِ بأن:

  • القلق أصبح جزءًا دائمًا من حياتك.
  • فقدتِ الثقة في مشاعرك أو قراراتك.
  • العلاقة تستنزفك أكثر مما تغذيك.
  • تخافين التعبير عن احتياجاتك.

فهنا لا يكون اللجوء إلى الاستشارة رفاهية، بل ضرورة وقائية.

الاستشارة النفسية لا تهدف إلى اتخاذ قرار سريع، بل إلى:

  • مساعدتك على الفهم دون تشويه الواقع.
  • استعادة صوتك وحدودك.
  • اتخاذ قرارات ناضجة بعيدًا عن الذنب أو الخوف.

 


أخيرًا: العلاقة الصحية لا تُبنى على التضحية الصامتة

الزواج مع شخص يعاني من اضطراب ثنائي القطب ممكن، لكنه يحتاج:
وعيًا، وحدودًا، ودعمًا نفسيًا للطرفين.

الزوجة القوية ليست من تتحمل كل شيء،
بل من تعرف متى تتوقف، ومتى تطلب المساندة، ومتى تحمي نفسها دون قسوة.

إذا كنتِ تمرين بتجربة مشابهة وتشعرين بالحيرة أو الإرهاق،
فالمساحة الآمنة للحديث والفهم قد تكون الخطوة الأولى لاستعادة توازنك النفسي،
واتخاذ قرارات أكثر وضوحًا وهدوءًا، بما يخدمك ويخدم علاقتك على المدى البعيد.

د/نهلة نور الدين

                                                       

              

 

تعليقات

التنقل السريع